الخزف

يعد الخزف من أهم الفنون القديمة الحديثة حيث عُرف منذ العصور الأولى في تاريخ البشرية ، لذا لم يندثر ولم ينته هذا الفن في تطوره فظل يستجيب للتطورات الحياتية لأنه من الأدوات المهمة للحياة اليومية ، إذ أ صبح اليوم فرعًا مهمًّا وحيويًّا من فروع الفنون التشكيلية. لقد اهتم خبراء الآثار بمتابعة تطور صناعة الخزف , التي تنوعت أشكاله مابين فخار وخزف , فمن خلاله استطاعوا فهم الحضارات ومعرفة مراحل تطويره التي تكشف عن تفكير ومهارة صانعيه.


وقد مر مجال الخزف بعدة مراحل ومسميات من أهمها :





١ - مرحلة الفخار البدائي :

 حيث بدائيات التشكيل الإنساني بخامة الطين فقد كان تشكيله وتعامله مع هذه الخامة وليد الحاجة وطرق تشكيلية كانت يدوية بدائية.




 ٢ - فخار شعبي :

بعدما استقر الإنسان وكثرت خبراته , نتيجة تعداد ممارساته وتجاربه , جاءت أ شكاله أكثر اتزانًا , حيث نلاحظ أن طرق تشكيلية لأوانيه دخل فيها بعض الأدوات والأجهزة البسيطة التي تُعينه على إتقان الشكل ، مثل عجلة الدولاب والقوالب الجصية. والفخار الشعبي يُشكله الحرفيين من أفراد شعب ما ، بأشكال لها خصوصية المكان والتي تتضح من خلال شكلها وزخارفها ، فهي خاصة بهم تحمل طابعهم الذي يميزهم ، حيث تختلف باختلاف المنطقة.

لذا كان لدينا أشكالاً متنوعة في هيئتها وزخارفها، فاللمدن العربية فخارها الشعبي الذي يميزها عن غيرها فعلى سبيل المثال:

  • فخار شعبي سعودي :

يمتاز بوظائفه النفعية ، فقد ُشكل لاستخدمه في الحياة اليومية لذا جاءت الأشكال غالبًا خالية من الزخارف الواضحة , ونجده ابتعد عن التقنيات الزخرفية التي عرفها الفنان المسلم.


ومن القطع الفخارية المشهورة في التراث الشعبي السعودي( الأزيار والدوارق والمباخر وفناجين القهوة )







               


              






  • فخار شعبي مغربي :


امتاز باهتمامه بالناحية النفعية , فكان من أهم الأواني هي القطع المستخدمة في الحياة اليومية ، مثل القدور الخاصة بالطهي ،كما أنه لم يهتم كثيراً بالزخارف على السطح ، فغالبًا ما كانت السطوح خالية من أي ملامس أو زخارف أو تنوع في الألوان، حيث نجد أن الفخار المغربي الشعبي اكتفى بالطلاء الزجاجي الشفاف ، لأنه يساعد على حفظ السوائل .


ومن أهم ما يميز الخزف الشعبي المغربي , تلك القدور والأواني ذات الأغطية المرتفعة والمخروطية الشكل.





 














  • فخار شعبي مصري :

اشتهر الفن الشعبي المصري ؛ بالقلل والأواني والعرائس الشعبية المجردة , وامتاز في تشكيله بسماكة جدرانه نوعاً ما , كغيره من الخزفيات الشعبية ، ومن أ شهر الفخاريات الشعبية  (شبابيك القلل المشهورة بالتثقيب ) , والتي عرفت في الفن الإسلامي كأهم التقنيات الزخرفية التي ابتكرها الفنان المصري في ذلك الوقت .








وبصفة عامة ؛ نلاحظ أن سماكة الجدران في الفخار الشعبي , مع عدم الاهتمام كثيراً بالأساليب الزخرفية المتنوعة والطلاءات الزجاجية الملونة  من أهم سمات الفخار الشعبي. وبذلك نللاحظ أن الفخار والخزف الشعبي العربي , له مواصفات عديدة انتشرت على أسطحه وتميزت بها خطوطه الخارجية , حيث حافظ على طابع مستقل به ،فيميزه عن غيره من خزفيات باقي الدول الإسلامية الغير عربية. لنقارن ونستنتج بالرؤية , مدى تطور الشكل الخزفي مابين بدائي وشعبي , وإسلامي عربي فالنتفحص الآتي :
  • الفخار البدائي
الفخار البدائي وطريقة تشكيله يدويًّا ؛ حيث هيئته تأتي عن طريق عملية ضغط حجرأو أي خامة تساعد في تجويف الكتلة الطينية فكان سبباً لتشابه الأشكال , وسماكة الجسم, نتيجة عدم توافر أدوات لترقيق الجدار مع قلة إمكانات وخبرة في عملية التسوية  فكثيراً ما كان يستعمل أوانيه دون تسوية .





  • الفخار الشعبي العربي :


الفخار الشعبي العربي يتضح خلوه من الزخارف السطحية , والاهتمام بتوازن الشكل الخارجي , مع ترقيق سماكة الجدران نوعًا ما نتيجة التنفيذ بواسطة عجلة الدولاب لتساعد على الاتزان في أبعاد أجزاء الجسم .







  • الفخار الإسلامي العربي :

الفخار والخزف الإسلامي العربي , يظهر تفنن الخزاف في الألوان والزخرفة  والمهارة الظاهرة من خلال رقة سماكة الجدران , كما تميز الفخار الإسلامي في ألوان الطلاء الزجاجي خاصة اللون الأزرق.






  • الخزف العربي المعاصر :

تميز بالرشاقة في شكله ورقة جدرانه وعناصر زخرفته , كما حافظ على الهيئة الخارجية التي أصبحت سمة للفخار والخزف العربي , وهي اتزان الابعاد.



                                                         




ومما سبق يمكننا أن نستنتج مفهوم لشكل الخزف العربي ونقول :

هو مجموعة الأشكال الفخارية والخزفية ذات الطابع العربي المميز من حيث : الهيئة في الشكل الخارجي, وتساوي رقة سماكة الجدران , ومهارة التنفيذ , وتناسق الأجزاء من خلال موزون الأبعاد,أما نوعية عناصر الزخرفة فهي المستوحاة من البيئة العربية وعناصر الزخرفة الإسلامية , ومن أهمها الحرف العربي  والأشكال الهندسية والنباتية والخطوط التشكيلية. كل ذلك يوضح مهارة الخزاف ويتضح مدى خبراته السابقة , ووظيفتها بما يتلاءم وهويته وشخصيته العربية التي حافظ عليها 






                      
                                                                                                                         

ومن الشكل أعلاه يتضح مهارة وإتقان الخزاف , ونلاحظ قدرته على تنفيذ سماكة رقيقة جداً لجدران الشكل الخزفي مع حرصه على استخدام طريقة التذهيب , الذي يضفي رونق لآنية , وقد تناوله بحذر شديد.ومما سبق يت ضح كيف تطورت أشكال وهيئات الفخار قديماً, من حيث التقنية اليدوية والشكل وسماكة الجدران وكيف أثرت المحاولات المتكررة , لإكساب الخبرات المتنوعة تدريجيا حتى وصل لتقنيات تشكيلية متطورة ومتنوعة فاستخلص تقنيات حديثة في عملية البناء وفي الزخرفة وساعدته في ذلك الأدوات والأجهزة المتطورة كالعجلة وقوالب الجبس للابتكار الشكل.





                              






وفي كل الأحوال يبقى تميز الشكل النهائي وطابعه عائداً للمكان والبيئة , فالجزيرة العربية على سبيل المثال لها طابع مميز يميزها عن غيرها , يتجلى من خلال خط الشكل الخارجي والزخارف والملامس السطحية والألوان المتنوعة الخاصة بكل منطقة. فمنذ عصر الرسول صلى الله عليه وسلم , وفي المدينة المنورة وتحديدًا في منطقة الربذة الواقعة في جنوب شرق المدينة المنورة , كان يشكل الفخار من طينة المنطقة ذاتها التي عرفت بلونها الأبيض المائل للا صفرار, حيث كانت هيئة الأ شكال في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم  تتشابه لحد كبير وفخار العصر الأموي , من حيث النوعية والنفعية فكانت : الجرار الكبيرة , الأباريق , الأطباق القدور ، وقد لوحظت زخرفة هذه القطع بطريقة الحز على الأسطح الخارجية.ومن خلال ما عُثر عليه في حفريات هذه المنطقة , نجد أن الأ شكال في تشكيلها تعتمد أيضاً على ضرورة تناسق الأجزاء وموزون الأبعاد فيها , حيث ظهرت روائع مهارة الصانع وعبقريته , فقد عرف التشكيل اليدوي بعجلة الدولاب والتشكيل بالقوالب , مع الاهتمام بعملية تساوي السماكة للجدران , مع دقة متناهية في نعومة وتساوي السطح مع الحرص على أن تكون أشكالهم فيها رصانة التماثل والتوازن في جميع الأجزاء. وربما كان حرصه على الاتزان , نابع من خلال كثرة تأملاته لما حوله , كما أمره الله فأولها أجزاء الإنسان واتزانها وتطابق الجزء الأيمن بالأيسر في منتهى الدقة من رب العباد،وما ذلك إلا مؤثر غير مباشر لتأثره بعقيدته التي تظهر في منتجات جميع مجالات الحياة فأنصاف الشكل لابد أن تكون متطابقة .






  • ويتبادر إلى الذهن سؤال :

  من أين لأهل الربذة بالمدينة المنورة كل هذه الخبرة والدقة في التنفيذ؟

والإجابة ؛ أن المنطقة واقعة على طريق الحج بين العراق والديار المقدسة . فكان الحجيج يجلبون أوانيهم الفخارية والخزفية من ضمن حاجياتهم , وقد يبيعوها أو يتركوها فتحققت الفائدة من خلال تبادل الخبرات , فعرف أهل المدينة الكثير من طرق التشكيل وطوروا صناعتهم الخزفية وفق ذلك.أما في بلاد الشام تميزوا بإنتاجهم المحلي الخاص بهم , خاصة في مدينة (الرقة) التي سميت بالعاصمة الصيفية لعدد من خلفاء بني العباس 170 - 193 هـ , فامتاز خزفهم بالدقة والمهارة في التشكيل , كما كانت زخارفهم بارزة على السطح , و أغلب أوانيهم هي الأطباق الكبيرة والأواني المرتفعة ذات الخصر الضيق من الوسط , والمشكل بعجلة الدولاب , وامتازت أرضية الأجسام بلونها الأبيض وعناصرها الزخرفية , التي تنوعت ما بين الرسوم . الآدمية والحيوانية ، كما عند الفنان الم سلم في باقي الأقطار الغير عربية وكذا امتازت ألوانهم بالطلاء الأزرق المائل على الأخضر (الفيروزي) و أبدعوا في الألوان البراقة والمذهبة , خاصة مجال البريق المعدني .



                                                               



ونلاحظ أن هذه المواصفات تتواجد أيضاً في خزف مدينة الفسطاط بمصر , وذلك لأنهم حين سقطت الدولة الفاطمية توجهوا إلى بلاد الشام وتحديداً مدينة الرقة ، فكان تبادل الخبرات الفنية دليل على أن الجزيرة العربية , تتحد في سمات و صفات مشتركة كثيرة تجعلنا نقول أن هناك فخار عربي بطابع عربي. أما في العراق فاشتهروا بتشكيل الجرار الكبيرة والمسارج المتنوعة والأواني الصغيرة، وجدير بالذكر أن طينتهم كانت خالية من الشوائب , مما جعل أسطح الأشكال ناعمة بعد التسوية.و ألوانهم غالباً محصورة في الأسود والأحمر والأبيض , وهذا يعني استخدامهم (أكسيد المنجنيز-الحديد-الزنك والقصدير ) كونهم المسبب الوحيد لإيجاد هذه الألوان ،أما عناصر زخرفتهم فكانت مابين هندسية في هيئة خطوط متموجة ومستقيمة , أو وحدات نباتية في هيئة أغصان الأشجار ,وبعض الكتابات العربية المتمثلة في عبارات,مثل:  ( اشرب هنيئًا مريئًا - أحمد الذي جعله عذبًا فراتًا - كُل واشكر) .
وبهذه العبارات نكون وصلنا لفهم وتفهم خصوصية الشكل العربي , حيث يمكننا أن نقوم بتشكيل أنية خزفية لها طابع عربي ، مستفيدين من خبرات كل مما سبقنا ومبتكرين أسهل الطرق وأسرعها للحصول على إناء خزفي متقن , ذو سماكة رقيقة و سطح مستوي وأجزاء متطابقة ، وفي النهاية يذكرنا بأننا منتجين لخزفيات بأسلوب عربي معاصر,ولإنتاج إناء خزفي ذا طابع عربي بأبسط الطرق والإمكانات نتبع التالي :





أولاً: الأدوات والخامات :

  • شريحتين من الطين مقاس 30×30 سم .
  •  أواني متنوعة العمق 
  • عجلة تسطيح (فرادة)
  • سطح مستو مغلف بقماش قطني 
  • ديفر خشبي للنحت على الطين
  • إ سفنج 
  • فرشاة
  • بخاخ للماء


ثانياً : خطوات العمل :


    • شرح كيفية الاستفادة من الأواني المتنوعة العمق , وعلاقتها بالشكل الخزفي النهائي, فمن خلالها يمكن أن نحصل على أشكال متقنة في أجزائها و أسطحها ورقيقة في سماكتها .
    • نتخير إناءين من الأواني ذات عمق متوسط.
    • نطابق فوهة الإناءين المختلفين أو المتساويين في الشكل.


           
             



    • نلاحظ الشكل النهائي الذي ظهر لنا فهو الشكل المبدئي للإناء المراد تنفيذه.
    • نبدأ في فرد شرائح الطينة لنزيد من تسطيح سماكتها حيث لا تقل عن نصف سم .

    • الخطوة الأولى :

    ننقل الشريحة إلى داخل الإناء العميق , بعد وضع القماش داخله , وإزالة الزوائد عن فوهة الإناء.




                                                 





    • الخطوة الثانية :

    تكرار العملية في الإناء الآخر , مع خدش فوهة الجزئيين , ووضع السائل الطيني ومطابقة الفوهتين وتماسهما واختيار مكان فتحة الفوهة.

                                      



    • الخطوة الثالثة:

    اختيار مكان فتح الفوهة , لإضافة وإكمال التصميم ,سواء بطريقة الحبال أوالشرائح , وتشطيب السطح من السماكة والمتانة ثم إزالة أي نتوءات سطحية, وتترك الأعمال مغلفة بالحافظات البلاستيكية لإتمام زخرفتها في الدرس القادم.


                                               
                                                      


    حلول لإكمال التصميم من خلال إضافة عنق مرتفع او منخفض له , إما بالشرائح أو بالحبال :



                    







    4 التعليقات:

    aaas يقول...

    النشاط ما يفتح

    Unknown يقول...

    ما شاء الله تبارك الله ملف ملئ بالمعلومات التاريخية والفنية ذات الطابع المميز لكل فترة تاريخية

    ahmed deraz يقول...


    خدمات عجمان – المحترف للصيانة – الامارات
    شركات صبغ في عجمان
    صباغ رخيص فى عجمان

    Unknown يقول...

    كل شي موجودا الا الجواب🤡

    إرسال تعليق

    Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

     
    Free Web Hosting